القناة من الدار البيضاء
كشف تقرير لمرصد العمل الحكومي، صدر اليوم الإثنين (22 أبريل 2024)، أبرز التدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال نصف ولايتها على المستوى الاقتصادي، وذلك في ظل وضعية اقتصادية بأبعاد داخلية وخارجية، بحيث عملت على تدبير تداعياتها المؤثرة على الاقتصاد الوطني.
وسجل تقرير المرصد حول حصيلة الحكومة خلال نصف ولايتها، عملها بالرفع من ميزانية الاستثمار إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ المغرب، حيث بلغت ميزانية الاستثمار في ثلاث سنوات ما يزيد عن 880 مليار درهم، ساهمت بشكل كبير في إنعاش الاقتصاد الوطني وفي بلورة وترجمة الأوراش الإصلاحية الكبرى التي تتقاطع مع الأهداف الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد.
وتمكنت الحكومة من تقليص عجز الميزانية من 5.5% سنة 2021 إلى أقل من 4% سنة 2022، وكذلك من تقليص عجز الميزان التجاري بما يفوق 5%، وأن تستعيد وثيرة النمو الإيجابي بأزيد من 2.8% في ظل أزمة اقتصادية عالمية مستمرة مست مختلف الفضاءات الشريكة للمغرب وفي مقدمتها الاتحاد الأوروبي باعتباره الشريك الأول للمغرب اقتصادياً وتجارياً، الذي عاش على إيقاع ركود اقتصادي حاد حيث لم تتجاوز نسبة النمو داخله 1% طيلة 4 سنوات.
وعملت الحكومة، يبرز التقرير، على تنزيل الإصلاحات الهيكلية الكبرى المتعلقة بالمجال الاستثماري باعتباره أبرز الآليات للارتقاء بالاقتصاد المغربي، حيث أخرجت الميثاق الجديد للاستثمار بتوجهات وتحفيزات استثمارية جديدة، استحضرت الاختلالات السابقة التي عانى منها النموذج الاستثماري السابق، وخاصة ما يتعلق بالتفاوتات المجالية وعدم توجيه الاستثمار نحو القطاعات الواعدة التي يسعى المغرب إلى ضمان التفوق القاري والدولي من خلالها، وتحقيق الإقلاع الاقتصادي في توافق تام مع مرتكزات النموذج التنموي الجديد.
كما قامت الحكومة، يضيف التقرير، بتفعيل صندوق محمد السادس للاستثمار، وإخراج نصوصه التطبيقية وضخ الموارد اللازمة التي تمكنه من لعب أدواره الرئيسية باعتباره آلية جديدة ومبتكرة لخلق وإنجاز المشاريع والمقاولات، هذا بالإضافة إلى إصلاح منظومة الحكامة الخاصة بالاستثمار من خلال إعادة هيكلة المجالس الجهوية للاستثمار وربطها بالوزارة المكلفة بالاستثمار.
وأورد تقرير المرصد، أن الحكومة عملت على تنزيل الإصلاح الضريبي، كما أكد على ذلك القانون الإطار للإصلاح الضريبي، من خلال ورشي الضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة مع برمجة إصلاح الضريبة على الدخل في نهاية السنة الجارية مع تقديم مشروع قانون المالية 2025.
مواجهة التضخم
وأضاف أن الحكومة عملت على تدبير موجة التضخم غير المسبوقة التي طالت المغرب وفاقت 6% خلال سنتي 2022 و2023، والتي مست بشكل أساسي أسعار المحروقات والمواد الغذائية، من خلال مجموعة من الإجراءات، التي هدفت التقليل من انعكاساتها على القدرة الشرائية للمواطنين ومن الحفاظ على الدينامية الاقتصادية لعدد من القطاعات المتضررة.
من بينها، يورد التقرير، دعم مهني النقل بميزانية فاقت 7 ملايير درهم للحفاظ على أسعار النقل في المغرب وتفادي انعكاساته على القدرة الشرائية للمواطنين، وعلى تكلفة الإنتاج في عدد من القطاعات الاقتصادية في ظل ارتفاع الفاتورة الطاقية إلى مستويات قياسية فاقت 154 مليار درهم سنة 2022.
في السياق ذاته، استحضر التقرير وقف الحكومة رسوم استيراد القمح والقطاني، ووقف استيفاء الرسوم على استيراد الأبقار المعدة للذبح، ووقف استيفاء الرسوم على استيراد الأبقار، وكذا وقف استيفاء الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة للمدخلات الفلاحية، إلى جانب دعم استيراد الأغنام المعدة لعيد الأضحى بـ500 درهم للرأس، ومضاعفة الغلاف المالي المخصص لصندوق المقاصة ليصل أزيد من 74 مليار درهم خلال ثلاثة سنوات.
مواجهة البطالة
سجل تقرير رصد حصيلة الحكومة خلال نصف ولايتها، مواجهتها للارتفاع غير المسبوق في نسبة البطالة راجع بالأساس إلى التداعيات القوية للأزمات الاقتصادية التي واجهتها الحكومة (فقدان أزيد من 420 ألف منصب شغل خلال جائحة كورونا).
وأورد التقرير مجموعة من الإجراءات والتدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة ارتفاع نسبة البطالة التي وصلت إلى 13% سنة 2023.
ومن ضمنها، يضيف التقرير، البرنامج الحكومي أوراش الذي هدفت الحكومة من خلاله إلى خلق 250 ألف منصب شغل ما بين سنتي 2022 و2023، عبر عقود مؤقتة ودائمة، يستفيد منها الأشخاص الذين فقدوا عملهم بسبب جائحة كورونا بالإضافة إلى الأشخاص الذين يجدون صعوبة في الولوج لسوق الشغل، ورصدت له ميزانية سنوية تقدر بـ2.25 مليار درهم، وتمكنت الحكومة من خلاله من خلق أزيد من 200 ألف منصب شغل.
كما أطلقت الحكومة، يورد التقرير، برنامج فرصة الذي استهدف دعم وتشجيع خلق المشاريع ومواكبة حاملي المشاريع عبر قروض ميسرة تصل قيمتها إلى 100 ألف درهم مع فترة سداد تصل إلى 10 سنوات، بميزانية تصل إلى 1.25 مليار درهم سنوياً، حيث تمكنت الحكومة من تمويل أزيد من 20 ألف حامل مشروع.
ومن البرامج الاقتصادية التي أطلقتها الحكومة لمواجهة ارتفاع نسبة البطالة، استحضر التقرير برنامج “أنا المقاول” الذي أطلقته وزارة الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، الهادف إلى مواكبة 100 ألف من رواد الأعمال وحاملي المشاريع والمقاولين الذاتيين والوحدات الاقتصادية غير المهيكلة والمقاولات الضغرى، وتمكينها من الاندماج في النسيج الاقتصادي المهيكل في أفق سنة 2026.
وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات التحفيزية التي تروم دعم الولوج إلى الخدمات الاستشارية، وتسهيل الولوج إلى التمويل عبر منصة مرتبطة بأكثر من 10 أبناك، وبناء قدرات المقاولين والخدمات المحاسباتية والضريبية والإدارية، بميزانية إجمالية مقدرة بـ600 مليون درهم.
كما استحضر التقرير مجهودات الحكومة في الحفاظ على مناصب الشغل المحدثة، عبر مجموعة من الإجراءات الضريبية التي استهدفت مقاولات القطاع الخاص، بالإضافة إلى تخصيص دعم مباشر لعدد من القطاعات الاستراتيجية في مقدمتها القطاع السياحي الذي خصصت له ميزانية تفوق 2 مليار درهم همت بالأساس الحفاظ على أزيد من 500 ألف منصب شغل يوفرها هذا القطاع.
وأورد المرصد ضمن تقريره، عمل الحكومة على الرفع من وثيرة التشغيل بالقطاعات العمومية المختلفة، حيث تمكنت من خلق ما يزيد عن 85 ألف منصب شغل ما بين 2022 و2024.
وسجل التقرير نجاح الحكومة في تدبير القطاع السياحي، وتمكينه من الخروج من الأزمة الخانقة التي عانى منها عقب جائحة كورونا والتي كادت تعصف به.
وذلك، يضيف المصدر نفسه، من خلال الدعم المالي لمهنيي السياحة، والذي فاق أزيد من 2 مليار درهم خصص للحفاظ على مناصب الشغل داخل القطاع ولدعم الاستثمارات الخاصة بالنبية التحتية والإصلاحات للوحدات الفندقية.
إلى جانب، تنزيل خارطة الطريق السياحية 2023 ـ 2026، التي رصد لها غلاف مالي يصل إلى 6.1 مليار درهم، بهدف رفع الاستقطاب السياحي لما يزيد عن 17.5 مليون سائح في أفق سنة 2026 وعائدات سياحية تفوق 120 مليار درهم.
وخلص التقرير، إلى أن التدابير الحكومية الاستعجالية في المجال السياحي مكنت من إخراج القطاع من أزمته، ومن استعادة النشاط السياحي لوثيرته المتصاعدة ما قبل جائحة كورونا وتحقيق نمو كبير ظهر بشكل جلي في الأرقام التي حققها المجال السياحي سنة 2023.
وبفضل هذه التدابير، يقول التقرير، تمكن المغرب من استقطاب أزيد من 14.5 مليون سائح وبعائدات قياسية بلغت 105 مليار درهم، بنسبة نمو تفوق 12 في المائة بالمقارنة مع سنة 2022.