القناة ـ محمد أيت بو
لا حديث في الساحة السياسية المغربية، حاليا على المستوى الحزبي إلا عن التقارب غير المسبوق بين حزبي العدالة والتنمية وغريمه الأصالة والمعاصرة، الذي بدأت صورته تتضح بداية من مجلس الشمال، مرورا بمباركته من طرف أبرز قيادات الحزبين.
وأثار هذا المستجد السياسي الكثير من الجدل، لدرجة اعتبره الكثيرين ’صدمة’ أدخلت حتى مناضلي الحزبين في حالة تيه وهم يتابعون ’أعداء الأمس’ يحاولون الاصطفاف في صف واحد لخدمة مصلحة معينة لم تتضح لهم ماهيتها بعد.
ففي الوقت الذي تحاول فيه قيادات العدالة والتنمية التخفيف من ’الصدمة’ لدى أتباعها باعتبار هذا التقارب ’أملته المصلحة العليا للوطن’، خرج أعضاء منهم ينبهون إلى نتائج المسار ومن أبرزهم بلال التليدي الذي شدد على ما أسماه بـ’محاولة التطبيع مع ’البام’ أو إنعاشه باسم المصلحة العليا أو باسم تغيره أو باسم نهاية قيادته السلطوية هو هدية لا تقدر بثمن للسلطوية ومشاريعها’، وفق تعبيره.
زواج سياسي غير مفهوم
واعتبر العباس الوردي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، هذا الزواج السياسي بين الحزبين، بأنه ’زواج سياسي قيصري قد ينتهي في أي وقت، مع العلم أن ’البيجدي’ و’البام’ وصلت العلاقة بينهما في وقت سابق إلى حد القطيعة’.
وشدد المتحدث في تصريح خص به ’القناة’، على أن هذا التقارب ستكون له بعض التداعيات على المستوى السياسي، خصوصا أن الظرفية الحالية قد فطن فيها الناخب كثيرا لبعض رهانات اللعبة السياسية’.
لأننا ننتظر أن انتخابات التشريعية لسنة 2021 ستكون هناك مفاجآت كما وقع الأمر بالنسبة للنموذج الاسباني وصعود حزب ’فوكس’ الذي كان في السابق غير ذي قيمة على المستوى التشريعي الاسباني.
فالتقارب بين الحزبين سيؤُدي حسب المحلل السياسي ذاته، ترتيب الحزبين معاً لأن ثقة الناخب في السابق كانت مبنية على مجموعة من التوجهات السياسية ذات الصبغة الأيديولوجية، التي كان يروجها حزب العدالة والتنمية إزاء خصمه السابق وحليفه الحالي حزب الأصالة والمعاصرة
وبالتالي يمكن لهذا التقارب السياسي أن يجهز على الحزبين معا، خصوصا مع الطفرة الكبيرة للتواصل الاجتماعي وخاصة ما يهم مناقشة القضايا السياسية، أصبح يعرف نوعا مما يصطلح عليه بتنمية الفكر السياسي لدى المواطنين والمواطنات، إذ حتى الأمي أصبح يناقش.
إذ أن آلية التواصل الاجتماعي، يسترسل الباحث ذاته، ’أصبحت تروج مجموعة من الأفكار وتتبع السياسات وتقوم كذلك بتقييم السياسيات العمومية ولو بطريقة غير مباشرة’.
لذلك بعد تقارب هذين الحزبين، أصبح المواطن يجلد ’البام’ و’البيجيدي’، الذين يختلفان من حيث التوجهات فالثاني ذو التوجه المحافظ لا أظن أنه يتماشى مع حزب ليبرالي، وبالتالي في ذلك إجهاز على الحزبين معا في ترتيبهما الانتخابي خلال محطة الانتخابات التشريعية 2021، يضيف المتحدث.
منعطف جديد منتظر في انتخابات 2021
وحول من يقول أن هذا التقارب بين الحزبين مرده ’التشويش’ على دينامية الأحزاب المنافسة وخاصة حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يعرف حركية على جميع المستويات، قال الباحث ذاته، إن لكل حزب الحق في الدفاع عن تواجده في الساحة السياسية’.
واستدرك المتحدث ذاته، بأنه مما لا يمكن قبوله هو أنه بالأمس فيما يصطلح عليه سياسيا بالانتماء السياسي، والآن نتقارب بشكل غير مفهوم’ مضيفاً أنه فيما يخص الصراع مع حزب آخر ’فنحن نعيش على وقع حملة انتخابية، وهو أمر تخطئ فيه عدد من الأحزاب السياسية حيث أصبحت تقود حملة انتخابية سابقة لأوانها، وهي غير مقبولة من الناحية الشكلية ومن الناحية القانونية الموضوعية’.
هذا التقارب حسب الوردي، يمكن القول بأن له ما له من صبغة نفعية’، ولا يمكن ’التكهن بمألات الآتي من نتائج انتخابات 2021’، يشدد المتحدث ذاته.
واهم، يؤكد المحلل السياسي ذاته، ’من يعتقد أن مواطن 2015 هو مواطن 2021، لأن هذا الأمر قد تغير، وينم عن تنامي الوعي السياسي، لدى المواطن الذي اعتبره الوردي بالصحي لأنه سيساهم في ’رفع منسوب المشاركة السياسية وخاصة في صفوف الشباب والمرأة ولدى العازفين عن السياسة’.
لذلك، يضيف الوردي، أن ’الحزب الأغلبي قد فطن على أن قلاعه الانتخابية أصبحت تعيش شيئا من الترهل والتراجع وعلى أساس ذلك يحاول اصلاح بعض الأعطاب وخاصة في علاقته مع حزب الأصالة والمعاصرة’.
اختيار الحزبين لهذه الظرفية بالذات، يختم الوردي حديثه ’ستؤثر عليهما وبدون شك في الانتخابات المقبلة، لاسيما أن الكل يعرف أن انتخابات 2021 ستحدث منعطفا في مسار التدبير الحزبي وتدبير السياسات العمومية المغربية لأن المواطن أصبح يتتبع ويقيم عبر القنوات التكنولوجية والتواصلية’.