نوفل البعمري*
الندوة الصحفية التي نُظمت بين وزيري الخارجية لكلا البلدين كانت لإعلان نوع من التجاوز للأسباب التي أدت للجمود الذي شهدته العلاقة بينهما، وهو جمود كانت ضبابية المواقف الفرنسية من مغربية الصحراء هي ما تسببت فيها، خاصة وأن المغرب كان قد طالب بتوضيح موقفها وجعله ملائما لمختلف التطورات التي شهدها الملف.
وهي تطورات يمكن إجمالها في:
– إقتناع الامم المتحدة من كون الحل لن يكون خارج مبادرة الحكم الذاتي .
– الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.
– الاعتراف الأوروبي بمغربية الصحراء: إسبانيا / ألمانيا / دول أوروبا الشرقية…
هذه التطورات وغيرها كان قد جعل من الموقف الفرنسي موقفاً متجاوزاً مما دفع المغرب لدق ناقوس الخطر لكون ما يحدد المنظار الذي ينظر به المغرب للخارج هو قضية الصحراء والموقف منها كما أكد على ذلك الملك محمد السادس، وطالبها بتوضيح موقفها بالخروج من المنطقة الرمادية والانضمام للولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا وألمانيا وغيرها من الدول، لكن فرنسا كانت قد اختارت البقاء في منطقتها لتنطلق أزمة بين البلدين كان الجمود الدبلوماسي هو عنوانها.
الآن وبعد زيارة وزير الخارجية للمغرب وتأكيد نظيره المغربي على كون العلاقة بين البلدين تاريخية، استراتيجية، جاءت تصريحات الوزير الفرنسي معلنة عن دعم للحكم الذاتي، وللتنمية الاقتصادية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية مع دعم المسار السياسي كما حددته قرارات مجلس الأمن.
هل هذه التصريحات كافية للقول بأن فرنسا خرجت من منطقتها الرمادية؟!
يمكن القول أن هذه التصريحات الحالية هي نفسها التي كانت تعبر عنها فرنسا، بمعنى ألا جديد فيها، اللهم تقديم إشارات إيجابية على كون هناك حوار هادئ يجري بعيداً عن ضغط الإعلام والسياسيين وبعيداً عن الضغط الإقليمي ومنعطفاته التي تشهدها المنطقة خاصة التحركات الجزائرية التي تريد إحباط أي تقارب مغربي – فرنسي، و هو حوار لاشك أنه مستمر بين قيادات البلدين ، هو حوار كما علمتنا التجربة المغربية مع إسبانيا وألمانيا سابقاً، سيكون واضحاً، ولا تنازل فيه عن المطالب المغربية .
لذلك يمكن اعتبار زيارة وزير الخارجية الفرنسي هي مجرد شوط أول، تمهيدي لمواقف أكثر وضوحا من مغربية الصحراء، وهي مواقف تعتبر استراتيجية، تعبر عن موقف عمق الدولة وليس الحكومة أوزير فقط، لذلك فعادة في هذه اللحظات الاستراتيجية ما يُعلن فيها من مواقف يكون من قيادات الدول وزعمائها ببروتوكول معين كما شهدته التجارب السابقة.
و في انتظار ذلك سيكون الموقف الفرنسي الحالي، هو إعلان عن طي الأزمة لحين التعبير عن موقف داعم لمغربية الصحراء.
*أستاذ باحث