القناة ـ عفراء علوي محمدي
تسود فوضى عارمة في عالم التجارة الإلكترونية المغربية، حيث تُعلن العديد من الشركات يومياً على “فيسبوك” والمواقع الخاصة بالتجارة الإلكترونية عن منتجات جذابة وغير شائعة، وبأسعار مرتفعة أو مناسبة، لكنها غالباً ما تكون ذات جودة متدنية أو معدومة.
يتعرض الكثير من المستهلكين للاحتيال من خلال شرائهم لهذه المنتجات، سواء كانت ملابس أو مستحضرات تجميل أو مواد تنظيف أو أدوات منزلية أو حقائب وأحذية. في معظم الأحيان، ينبهر المستهلكون بجمال هذه المنتجات في الصور الإعلانية، لكنهم يصابون بخيبة أمل عندما تصلهم عبر خدمة شركات التوصيل. تتيح بعض المواقع الدفع عند الاستلام، بينما تفرض أخرى الدفع مسبقاً باستخدام البطاقة البنكية.
لا تزال التجارة الإلكترونية تواجه تحديات رغم التسهيلات والقوانين التي تؤطرها، خاصة مع تزايد حالات الاحتيال وانتهاك حقوق المستهلكين، وهو ما تتدخل الجهات المختصة لمحاربته، لكن مع كثرة حالات الاحتيال، يجد المستهلكون أنفسهم في حيرة من أمرهم بشأن كيفية التصرف.
تجارب فاشلة في الشراء الإلكتروني
هند، 23 سنة، طالبة من الرباط، طلبت كريماً لتفتيح البشرة من موقع مغربي شهير بسعر 259 درهم، وقامت بالدفع فوراً عبر الموقع، لكنها تفاجأت بعد استخدامه بظهور بثور صغيرة على بشرتها وجفاف الجلد دون أي تأثير إيجابي آخر. تقول هند: “شعرت بأنني تعرضت للخداع، وهذا سيجبرني على زيارة طبيب جلدي لمعالجة المشكلة الجديدة”، بحسب تعبيرها.
وأضافت هند، في حديثها مع “القناة“، أنها حاولت التواصل مع أصحاب المنتج من خلال الصفحة التي يعرض بها، لكنها لم تتلق أي رد، تقول: “بصراحة، لا أعرف ماذا أفعل في هذا الموقف وكيف أقدم شكوى ضد هذه الشركة التي لا أعرف اسمها حتى، كما أنني لا أعتقد أن المنتج أصلي.”
أسامة، موظف من الدار البيضاء، لم يسلم من عملية الاحتيال، فقد اشترى قميصاً عبر الإنترنت، لكنه وجده مختلفاً تماماً عندما توصل به، وبحجم أكبر بكثير. يقول أسامة لـ”القناة”: “أعتقد أن الشخص لابد أن يتعرض للخداع عند الشراء عبر الإنترنت، فنادراً ما تحصل على ما طلبته فعلاً. بالنسبة لي، هذه ستكون التجربة الأخيرة، ومن الآن فصاعداً سأشتري ما أحتاجه مباشرة من المتاجر الموثوقة.”
أسامة اعتبر تجربته في الشراء عبر الإنترنت من الموقع المغربي تجربة فاشلة، لم يفكر في تقديم شكوى بشأن القميص، لكنه وعد نفسه بعدم تكرار الشراء عن بعد.
شكاوى عديدة وتدخلات من الوزارة
في تعليقه على الفوضى التي تشهدها المواقع التجارية الإلكترونية، صرح بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، بأن آخر مراقبة أجرتها وزارة التجارة والصناعة عام 2018، كشفت أن 98% من هذه المواقع غير قانونية، ولا تحترم أحكام القانون 31.08 المتعلق بتدابير حماية المستهلك في البيع عن بعد.
ورغم ذلك، يؤكد الخراطي، في حديثه لـ”القناة”، أن الجامعة الوطنية لحقوق المستهلك تتلقى يومياً شكاوى متزايدة، وغالباً ما تكون بخصوص حالات نصب، أو بشأن ضعف جودة المنتجات، على حد تعبيره.
وأوضح الخراطي أن القانون يمنح المستهلك سبعة أيام لإعادة السلعة للبائع، وأن تكاليف النقل يجب أن يتحملها المورد وليس المستهلك، لكن هذا الأمر لا يُحترم.
وأضاف: “النصب والاحتيال في المواقع التجارية الإلكترونية في ازدياد، وهذا يدق ناقوس الخطر ويُسائل الجهات المعنية، وهي الوزارة الوصية والوكالة الوطنية للعالم الرقمي، لتطبيق القانون وحماية المستهلك من هذه الاحتيالات”، بحسب تعبيره.
وينبغي على المستهلكين تقديم شكاوى لوزارة الصناعة والتجارة للتدخل في هذه الحالات غير القانونية، لأنها، حسب الخراطي، “تتفاعل بسرعة مع الشكاوى، وتعيد الأموال للمتضررين، إلا إذا كان الموقع أجنبياً، لكن نادراً ما يكون هناك احتيال من طرف المواقع الأجنبية مقارنة بالمغربية”.