القناة – محمد بودويرة
إعتقلت المصالح الأمنية بمدينة طنجة، أمس الأحد، رئيسة “مجموعة الخير” الضالعة في عمليات نصب على مئات المواطنين، داخل الوطن وخارجه، منذ ما يزيد عن سنتين، بعد فرارها عقب التحقيق الذي فتحته السلطات القضائية قبل شهرين.
عملية احتيال معفدة
وتعود تفاصيل القضية إلى عملية احتيال معقدة استهدفت عددا كبيرا من الضحايا بمدينة طنجة، حيث تمكنت “مجموعة الخير” من استدراجهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بدعوى تحقيق أرباح سريعة من خلال مضاعفة مساهماتهم المالية في وقت قصير.
العملية كانت تتخذ شكل التسويق الهرمي، حيث يتم إقناع الضحايا بالاستثمار مقابل وعود بأرباح سريعة.
وأشارت المصادر إلى أنه على امتداد سنة على أقل تقدير، تم تداول خبر مفرح وفق تعبير من يقف وراء ترويجه، على تطبيقات التواصل الاجتماعي، يتمثل في إمكانية استثمار مبالغ مالية؛ مع ضمانات استرجاع المال الأصلي مع فوائد، إضافة إلى المساهمة في فعل الخير ودعم الفقراء والمعوزين، تحت شعار: “دين ودنيا”.
الواقفون وراء هذه العملية، كانوا يشجعون الضحايا على الإنضمام إلى مجموعات “الواتساب”، ويلزمونهم على إدخال آخرين تحت مصطلح “المستفيد” وعبارة “تعميم الإستفادة”.
وأتقن النصابون السيناريو بطريقة محكمة، وجذبوا لهم آلاف الضحايا، حيث كانوا يستعملون عبارات ساعدت على إسقاط الضحايا تباعا، في طنجة، من قبيل “التسويق الهرمي” أو “التسويق الشبكي”، كما ساعدت الشبكات الاجتماعية في تسهيل ابتلاع الضحايا للطعم، لأن المعلومات متوافرة عن قصص نجاح يجري الترويج لها عالمياً في هذا المجال.
فقبل سقوط “مجموعة الخير” بين أيدي السلطات الأمنية، كانت عناصرها تنشر بشكل كثيف محتويات مصورة بالفيديو، للتشجيع على التبرع المالي لأعمال الخير، وفق ما كانت تدعيه، وأيضا للاستثمار في حقائب مالية.
الوصول للضحايا عن طريق “دارت”
في البداية، اشتغلت النساء، منذ 2022، عبر “الواتساب”، خارج القانون، أي من دون التواجد في إطار أي جمعية، ولكن من بوابة ما يسمى في الثقافة المغربية عمليات “دارت” أي المساهمات المالية من مجموعة من النساء، بشكل دوري، وفي كل مرة تستفيد امرأة مساهمة.
ونجحت شبكة النصب في الوصول إلى ضحايا من المغاربة المقيمين في أوروبا، كما عمدت “مجموعة الخير” إلى تقديم تعويضات مالية للمستفيدين الأوائل، من باب تأكيد مصداقية وعودها، ولكن لاحقا سقط آلاف الضحايا من الذين تقدموا بمبالغ مالية، ولم يروا أي فوائد مالية.
وبعد أن فوجئ الضحايا بفقدان أموالهم ومدخراتهم، قاموا بتقديم شكايات رسمية لدى النيابة العامة والسلطات المحلية، مما دفع مصالح الفرقة الولائية للشرطة القضائية بطنجة إلى فتح تحقيق واسع أسفر عن توقيف عدد من المتورطين في القضية.
وسجل مكتب النيابة العامة في مدينة طنجة، على الأقل 1000 شكاية، ضد المتهمين، الذين اشتهروا بين ضحاياهم باسم “مجموعة الخير”.
وظل العديد من الضحايا ينادون بضرورة توقيف “أدمينات” كبيرات كن على صلة مباشرة بالرئيسة، مازلن بدورهن في حالة فرار من العدالة، ويتهموهن بتسلم المساهمات المالية بشكل مباشر.
وقدرت المصادر عدد الضحايا بأزيد من مليون شخص من مختلف المدن المغربية، أهمها طنجة وتطوان والعرائش والقصر الكبير، بالإضافة إلى فاس والقنيطرة والرباط والدار البيضاء، ومدن أخرى.
كما أن العديد من مغاربة العالم المتواجدين بدول أوروبية سقطوا ضمن الضحايا الكثر للمجموعة، ويستقر غالبيتهم بالجارة الشمالية إسبانيا، فضلا عن بلجيكا وهولندا، ناهيك عن ضحايا محتملين بكل من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
وتفيد المعطيات بأن “المحتالين” تمكنوا في ظرف سنتين من جمع عشرات المليارات من السنتيمات، يطالب الضحايا في القضية متشابكة الخيوط باسترجاعها.
توقيف رئيسة المجموعة و15 متهما
ووفق الحصيلة الأولية للتوقيفات، يتواجد 16 من المتهمين في قبضة السلطات الأمنية، ضمنهم رئيسة المجموعة “يسرى” التي تم إعتقالها أمس الأحد، و12 امرأة، و3 رجال، في الوقت الذي مازال فيه البحث جاريا عن ”أدمينات” كبيرات كن على صلة مباشرة بالمنخرطات وتسلمن مبالغ مالية كبيرة منهن في إطار عمل المجموعة.
ويتوقع أن يشكل توقيف رئيسة “مجموعة الخير” منعطفا جديدا من شأنه أن يكشف المزيد من الخيوط والعلاقات المتشابكة للقضية، التي باتت توصف بـ”أكبر عملية نصب” في تاريخ المغرب.
وأثارت القضية اهتماما واسعا في أوساط الرأي العام نظرا لحجم الأموال التي تم الاستيلاء عليها والأساليب المتطورة التي استخدمت في تنفيذ هذه العملية الاحتيالية.