القناة ـ محمد أيت بو
حملت أرجنتين ليونيل ميسي اللقب الذهبي، أمس الأحد، بانتصارها على فرنسا في مباراة درماتيكية قد لا تتكرر، ليسدل الستار على آخر مباراة لكأس العالم فيفا ـ قطر 2022، بعد قرابة شهر من المتعة والفرجة الكروية اختلطت فيها مشاعر عشاق الكرة المستديرة عبر العالم، ومنهم من سيدخل في حالة فراغ قد توصف بـ”اكتئاب ما بعد المونديال”.
المتفرجون المغاربة ليسوا بعيدين عن الشعور بإحساس الفراغ والاكتئاب الذي سينتاب الملايين من محبي كرة القدم عبر العالم، سيما أن نسخة هذه السنة كانت مميزة ومتفردة بتألق ’أسود الأطلس’ بقيادة وليد الركراكي، وبلوغهم المربع الذهبي كأول منتخب إفريقي يصل الدور قبل النهائي.
الفراغ كبير
في هذا السياق، قال الصحفي والإعلامي المغربي بقناة “العربية” بلال البوجدايني، لقد “تابعنا بطولة استثنائية بكل المقاييس، مونديال قطر 2022 لم يكن كسابقيه، كل شيء فيه مختلف، ربما بالنتائج المبهرة التي حققها أسود الأطلس الذين عشنا معهم في حلم جميل شغل كل المساحة الزمنية للبطولة.. أو ربما الطابع العربي الذي ميز المونديال.. ليختتم ذلك بتتويج مستحق للأسطورة ليونيل ميسي في مباراة نهائية جنونية وغير عادية”.
وشدد البوجدايني، في حديثه مع جريدة “القناة”، على أن “أول يوم بعد المونديال ترك فراغا حقيقيا بكل صدق.. لا مباريات، لا تصريحات، لا انتظار”، مضيفا “بالنسبة لي ليست أول مرة، فبعد نهاية كل بطولة أشعر بهذا الفراغ “دوري أبطال اوروبا، الدوريات الأوروبية الكبرى خاصة الليغا، كأس أمم أفريقيا، كؤوس العالم..”، بل أشعر بالفراغ حتى بعد نهاية منافسات رياضية غير كرة القدم كبطولة رولان غاروس وأستراليا المفتوحة للتنس وبطولة العالم لكرة اليد”.
وعن تعامله مع أول يوم بعد كأس العالم قطر، قال بلال البوجدايني “أول يوم بعد مونديال قطر أمضيته في المنزل هنا بإقامتي بدبي”، مؤكدا “صدقا الفراغ كبير لكن نسعى لملءه عبر أنشطة مختلفة كالقراءة وغيرها”.
الفراغ / الضيم / الاكتئاب
لم يخفي زكرياء، شاب مغربي من مدينة مراكش، في حديثه مع جريدة “القناة”، إحساسه بالاكتئاب ما بعد المونديال، بقوله “الأمر راجع لمتابعتي اليومية لكل مباريات كأس العالم طوال شهر بأكمله”.
وتابع: “خاصة أن هذه النسخة المونديالية المتميزة، عرفت تألقاً لافتا لمنتخبنا الوطني المغربي، سيما أننا عشنا مع النخبة الوطنية بكل أحاسيسنا وجوارحنا مساره المونديالي المتفرد”.
وأضاف “بعد أن أسدل الستار على نسخة مونديال فيفا ـ قطر 2022، لا أخفي عليك أنه يصعب علي العودة إلى الروتين اليومي المعتاد، شخصياً أبحث منذ صباح اليوم عن وسيلة لملء الفراغ الذي خلفه المونديال، فمشاعري مختلطة بين “الاكتئاب والضيم والفراغ”، كما أنني أنتظر بفارغ الصبر المواعيد الرياضية المقبلة لكتيبة وليد الركراكي إلى جانب المباريات المقبلة في الدوريات الخمس الأوروبية وغيرها من المواعيد”.
“ابقى فينا الحال”
سكينة من مدينة الدار البيضاء، هي الأخرى صرحت لجريدة “القناة”، أن نهاية منافسات كأس العالم خلفت في نفوسنا نوعاً من الفراغ، خاصة أنه مذ ما يقارب شهر ونحن نرتب مواعيدنا اليومية بناء على البرمجة الرياضية للمونديال، لا يمر يوم دون أن نتابع مبارتين بين منتخبات عالمية تضم نجوماً مع العائلة الصغيرة سواء داخل البيت أو في المقهى.
وأردفت، قائلة: “نحن كمغاربة، هذه النسخة من المونديال لا يمكنها بحال من الأحوال أن تمحى من ذاكرتنا، فقد شهدنا انبعاث منتخبنا الوطني من جديد بشكل لم نتعود عليه، فمنذ المباريات الأولى من دور المجموعات تغيرت نظرتنا إلى المنتخب، كنا نشجع بقلوبنا وبكل أحاسيسنا، فرحنا معهم وبكينا معهم وتحسرنا على عدم التأهل إلى النهائي لأننا استرجعنا شخصية البطل فينا، وبخلاصة فقد استعدنا “تمغربيت لي فينا”.
وختمت سكينة حديثها بالقول: “اليوم الأول بعد المونديال صعب جداً علي وعلى أفراد عائلتي، لكن الجميل أنها تجربة رائعة أحمد الله على عيشها بكل تفاصيلها، وشهدت علم وطني مرفرفاً بين أفضل أربع منتخبات عالمياً، كما شاهدت كيف أبدعت الجماهير المغربية هناك في قطر وكذلك في شوارع وقرى بلدي الحبيب” مضيفة “أما الحالة النفسية ستتحسن مع مرور الوقت في انتظارالمواعيد المقبلة لأسود الأطلس”.
الأعراض
عن أسباب هذا الشعور النفسي، يتفق عد من الخبراء في علم النفس، على أن إحباط ما بعد كأس العالم ظاهرة وحالة نفسية منتشرة بين محبي كرة القدم، خاصة أنها مرتبطة بتقلبات نفسية مختلفة تجمع بين الفرح والحزن والإحباط، ويتعرض لها بشدة المشجع المولع بالمستديرة وذلك لطموحه في رؤية فريقه المفضل يتألق ويصل أعلى المراتب.
وتختلف أعراض الاكتئاب ما بعد المونديال من شخص إلى آخر، حسب درجة التعصب والتشجيع، كما أن هذه الحالة النفسية في الوضعية العادية قد تختفي خلال 24 ساعة، ولكن في الحالات الصعبة قد تحتاج إلى تدخل علاجي.
ويرى علماء النفس، أن هذا التناقض في المشاعر لا يسبب لمحبي كرة القدم الحزن فقط، فقد يصل إلى مرحلة الاكتئاب، وخاصة أن فكرة العودة إلى الحياة الطبيعة والرتابة في الحياة اليومية قد تخلق اكتئاب ما بعد كأس العالم.
تعليق واحد
موقع رائع