دخل حزب العدالة والتنمية في حالة من التخبط السياسي وهو يصدر بلاغا مثيرا أعقب اجتماع أمانته العامة، في غياب لأمينه العام ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، المتواجد في نيويورك ضمن أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، رغم أن تكنولوجيا “video conference” تُمكّن العثماني من حضور الاجتماع صوتا وصورة وبالتالي التوقيع على البلاغ.
الوثيقة التي جاءت في خضم السجال السياسي، الذي باشرته منذ مدة قيادات من حزب “العدالة والتنمية” ضد حليفه الحكومي حزب التجمع الوطني للأحرار، صدرت بعد ساعات من توجيه العثماني لـ”إخوان المغرب” إلى “عدم الرد على تصريحات السيد رشيد الطالبي العلمي بشأن الحزب”، وذلك “إلى حين اجتماع الهيئات الحزبية المخولة للنظر في الموضوع”.
وتشير مصادر من البيت الداخلي للحزب الإسلامي ومقربة من أمينه العام، إلى أن عددا من قيادات الـ”PJD” باتت مغتاظة وغير قادرة على هضم التحركات الأخيرة لحزب “الحمامة” على مستوى الساحة السياسية والإعلامية، خاصة إثر نجاح الجامعة الصيفية لشبيبة حزب عزيز أخنوش المنعقدة نهاية الأسبوع المنصرم في مدينة مراكش، وهزيمة مرشح “العدالة والتنمية” أمام مرشح “الأحرار” في الانتخابات الجزئية بالمضيق- الفنيدق التي أجريت الخميس الماضي، بالرغم من حضور قياديين بارزين في الحزب الإسلامي في أكثر من مهرجان خطابي، أبرزهم الوزير عبد العزيز رباح وعبد العزيز أفتاتي.
وجاء الموقف المثير للأمانة العامة للحزب، في الفقرة الرابعة من البلاغ الذي وقع عليه نائب العثماني، سليمان العمراني، والمطالب بشكل صريح وزيرَ الشباب والرياضة، رشيد الطالبي العلمي، بمغادرة الحكومة، بناء على ما وصفه بـ”خرق” ميثاق الأغلبية، إثر انتقاد الوزير التجمعي للنموذج التركي وللسعي إلى تنزيله في المغرب، خلال فعاليات الجامعة الصيفية بمراكش.
ويرى الباحث في العلوم السياسية، ادريس بنيعقوب، أن حديث حزب العدالة والتنمية، من خلال بلاغ أمانته العامة، عن خرق تصريحات الوزير الطالبي العلمي لميثاق الأغلبية وتماسكها “أمر مجانب للصواب”، مشيرا إلى أن الـ”PJD” كان أول من خرق ذلك الميثاق، “حين قرر التنكر لأقرب حليف له في الحكومة وهو حزب التقدم والاشتراكية، بحذف كتابة الدولة المكلفة بالماء، التي كانت تُشرف عليها القيادية في الحزب، شرفات أفيلال، دون استشارة أمينه العام، نبيل بنعبد الله، وما خلق ذلك من أزمة سياسية كبيرة”.
ويضيف بنيعقوب، في تصريح لـ”القناة”، أن حزب العدالة والتنمية “لم يستوعب الدروس السياسية التي مر منها، إذ ما زال يطبق مقولة ‘ومن لغا فلا جمعة له’ أي أنه يرفض أي صوت سياسي ينتقده حتى وإن كان ذلك الانتقاد حقيقيا”، متابعا في هذا السياق: “فعلا هناك تيار سياسي في المغرب منبهر بالنموذج التركي، والطالبي العلمي قام بتحليل ما يحصل الآن في تركيا من شبه إفلاس اقتصادي ومشاكل سياسية، على أن هذا النموذج لن يجلب للمغرب سوى الخراب في حالة محاولة تطبيقه”.
واعتبر الباحث المغربي أن بلاغ الأمانة العامة “يبقى باردا لأنه لم يتضمن أي موقف أو قرار واضح، بل وجدنا فقط لغة الاستنكار والاستغراب، وهو محاولة لامتصاص الغضب الداخلي في حزب العدالة والتنمية”، محذرا في الوقت ذاته من المواقف التي تصدر بين الفينة والأخرى عن قيادات “حزب العثماني” والتي قال إنها تبقى “أخطر بكثير من تصريحات الطالبي العلمي، مثل تصريحات أفتاتي وحامي الدين وبنكيران، التي تحمل في طياتها خطابا عنصريا وتأجيجا للفتنة أكثر من الانتقاد”.