القناة – محمد بودويرة
مباشرة بعد قرار محكمة العدل الأوروبية إلغاء اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، توالت ردود الفعل الرافضة للقرار من طرف الاتحاد الأوروبي و الدول الأعضاء.
وأعرب الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الأعضاء عن تشبثهم الراسخ بالشراكة الاستراتيجية بين الاتحاد والمغرب ورغبتهم في تعزيزها بشكل أكبر، في تحد لقرار محكمة العدل.
وتعليقا على القرار، قال محمد بودن، الخبير في القضايا الدولية المعاصرة، إنه “في الواقع قرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري الموقعين في سنة 2019، لم يقدم أي مساهمة قانونية في الفقه القانوني الدولي بشأن ملف الصحراء المغربية بل أفرط في إدراج بعض المفاهيم المشحونة سياسيا في متن القرار وهذا كان أول مؤشر على ميل صريح في عناصر توازن القرار الصادر في الرابع من أكتوبر 2024 الذي يتضح بأنه لم يكن في مأمن عن التأثيرات السياسية ومس بسيادة بلد شريك للاتحاد الأوروبي”.
وأبرز الخبير في تصريح خص به صحيفة “القناة”، أن “قرار محكمة العدل الأوروبية ينبني على تأويل ضيق ووقائع مصطنعة وخالف روح ميثاق الأمم المتحدة (الموقع سنة 1945) لاسيما المقتضيات الواردة في المادتين 01 و 73 منه، فضلا عن قراءة مجتزأة وطارئة لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات (المبرمة سنة 1969) والتغاضي عن المادة 26 التي تنص على أن العقد شريعة المتعاقدين والمادة 27 التي تمنع على أي طرف أن يحتج بنصوص قانونه الداخلي كمبرر لإخفاقه في تنفيذ المعاهدة، والحالة هاته أن محكمة العدل الأوروبية ارتكزت على القانون الأوروبي الداخلي”.
وشدد بودن، على أن “الوقائع التي ارتكزت عليها المحكمة تقع خارج نطاق القانون الأوروبي بسبب موضوع القضية التي تتمتع فيها الأمم المتحدة ومجلس الأمن بولاية حصرية، وبالتالي لا يمكن لمحكمة العدل الأوروبية أن تقوم بإنشاء إختصاص لا يتوفر لها ومنح خصائص قانونية وواقعية لكيان وهمي لا شرعية له لتمثيل الساكنة المحلية، والملاحظ أن قرارات محكمة العدل الأوروبية تثير الجدل مؤخرا بشأن المعايير التي تعتمدها ويمكن أن نستحضر رفض كل من بولندا وهنغاريا وهما بلدين عضوين في الاتحاد الاوروبي لقرارها مؤخرا”.
وأضاف أنه “لا يمكن للمحكمة تفسير مبادئ تقرير المصير بمنطق أحادي دون أن تأخذ بعين الاعتبار الأراء الفقهية (تقرير المصير الداخلي ديمقراطيا و تنمويا) والاجتهادات القضائية (أحكام محكمة الاستئناف بلندن ومحكمة تاراسكون …) والقرارات السيادية للدول التي تدعم مبادرة الحكم الذاتي لا سيما 19 دولة أوروبية منها”.
وسجل متحدثنا، أن “قرار محكمة العدل الأوروبية يتضمن عبارات لا يمكن تفسيرها إلا في الإطار السياسي، وهي بعيدة عن الولاية القضائية لمحكمة العدل الأوروبية أو الإطار القانوني لعملها وبالرغم من عدم قدرة المحكمة على تحديد معنى ونطاق “شعب الصحراء الغربية ” إلا أنها جازفت و ارتكزت على هذه السردية الوهمية المشحونة بالخلفيات السياسية في صياغة قراراها”.
وأبرز الخبير في القضايا الدولية المعاصرة، أن “محكمة العدل الأوروبية لم تأخذ بعين الاعتبار انعكاس التنمية على واقع عيش الساكنة في الصحراء المغربية واستقرار المنطقة، وتعزيز المملكة المغربية، عبر شراكات دولية متنوعة واتفاقات مع أطراف متعددة، فرص الاستثمار والاستدامة الاقتصادية والاجتماعية بالاقاليم الجنوبية، كما أنها لم تنقل الحقيقة بصورة أوفى، وبالتالي، فإن قرارها افتقد للتمحيص اللازم في العمل القضائية”.