القناة ـ محمد أيت بو
قدم محسن إدالي الباحث في العلوم الجيوسياسية، في حديثه مع صحيفة “القناة” الإلكترونية، قراءة شاملة للحصيلة المرحلية للحكومة، مستعرضاً أهم الإنجازات التي حققتها في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وركز إدالي على السياق الدولي الصعب الذي واجهته الحكومة، بما في ذلك الحروب الإقليمية وجائحة كورونا والتغيرات المناخية، مع التأكيد على قدرة الحكومة على التعامل مع هذه التحديات وتحقيق نتائج إيجابية.
وأشار إلى أن الحكومة حققت تقدمًا ملحوظًا في المجال الاقتصادي، من خلال تحسين مؤشرات الاستثمار وجذب رؤوس الأموال الأجنبية وتنويع الاقتصاد. مبرزاً في معرض حديثه المكانة المتميزة التي يحتلها المغرب على المستوى القاري، وكذا اهتمام الحكومة بتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال برامجها الاجتماعية مثل دعم السكن والدعم الاجتماعي المباشر وتعميم التغطية الصحية.
وتوقف الباحث ذاته، عند الإشعاع الثقافي للمغرب الذي تعزز خلال نصف ولاية الحكومة، مشيراً إلى أن الحكومة تُولي اهتمامًا كبيرًا لقطاع التعليم، من خلال إطلاق ورش إصلاحي يهدف إلى تحسين جودة التعليم وتطوير مهارات الطلبة.
السياق
واستحضر محسن إدالي الباحث في العلوم الجيوسياسية، السياق الذي تزامن مع امتداد الحكومة الحالية، والذي تميز بوضع خاص على المستوى الدولي، قائلاً “إنه على المستوى السياسي والجيوسياسي هناك حروب إقليمية أدت إلى تأزيم الوضع الاقتصادي والمبادلات التجارية بشكل خلخل التوازنات الماكرو اقتصادية على أعلى مستوى. وهذا وضع ضاغط لا تحتمله أي دولة بما فيها بلادنا التي لها علاقات اقتصادية مع أطراف متعددة دولياً في إطار تنويع الاقتصاد الوطني”.
السياق أيضا، يؤكد إدالي، تميز بأزمة مهمة وهي جائحة كورونا وما تسببت فيه من خلل على كل المستويات، وكان المغرب متميزاً في التعامل مع هذا الوباء بشهادة عدد من الدول المتقدمة والرائدة على مستوى توفير اللقاحات، والتعامل مع الأزمة الاقتصادية التي أفرزها هذا الوباء بشكل متحكم فيه.
وأضاف الباحث ذاته، أن السياق تميز كذلك بتحولات مناخية كبرى، والمغرب من الدول التي عانت ولا زالت من سنوات تواتر الجفاف وارتفاع درجات الحرارة، علما أن المملكة تشكل الفلاحة في اقتصادها نسب مهمة جداً.
وأوضح مدير قطب طلبة الدكتوراه بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، أنه عندما نقارن هذا السياق الدولي الضاغط والصعب وغير المتحكم فيه، سنجد أن الحصيلة المرحلية للحكومة كانت “محترمة على كل المستويات”.
سياسياً
وأبرز الباحث في العلوم الجيوسياسية، أن المغرب سجل حضوره السياسي الدبلوماسي ـ سواء الرسمية أو الموازية ـ في إطار تصور صاحب الجلالة نصره الله، الذي وضع خطة طريق هامة جداً، لتعزيز مكانة المغرب لدى المحافل الدولية.
وشدد على أن لا أحد يجادل الآن، أن المملكة المغربية لديها قوة حضور روحي في إفريقيا وأوروبا ولدى المنتظم الدولي، إذ هناك اختراق سياسي مهم جداً، وبرغماتي أشرت عليه الحكومة ودافعت عليه، ولازالت تستثمره بشكل قوي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية.
اقتصادياً
وعلى المستوى الاقتصادي، أشار محسن إدالي، إلى أن كل المؤشرات تبرز على أننا انتقلنا مع هذه الحكومة من لغة الخطابات والتسويف والانتظارات والمفاهيم الرنانة، إلى مستوى التنزيل على أرض الواقع، مع ما يكتنف هذا التنزيل من مشاكل وصعوبات وهذا أمر عادي.
وأكد على أن المسلسل انطلق والنتائج أصبحت تجنى، والصورة أصبحت تتوضح على مستوى الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال الأجنبية الضخمة، والبنى التحتية المرتبطة بالجانب الاقتصادي، وكذا تنويع الاقتصاد في إطار الدخل القومي.
وأضاف أن هذه الصورة تتوضح أيضا، على مستوى المراكز التي أصبح المغرب يحتلها، وعلى سبيل المثال فالمملكة تحتل المرتبة الأولى قاريا وفي شمال إفريقيا من حيث إنتاج السيارات، بمبلغ صافي في إطار التصدير بلغ 13 مليار دولار، وهذا يبرز الثقة التي أصبحت تتمتع بها بلادنا على هذا المستوى.
وتوقف الباحث ذاته في حديثه مع صحيفة “القناة”، عند تنويع الاقتصاد الوطني بتدخلات قطاعية هامة جداً، خاصة في الجانب الماكرو اقتصادي، وهو ما لاحظناه في نصف الولاية الحكومية.
اجتماعياً
وفي هذا السياق، أوضح الباحث ذاته، أن الحكومة راهنت على البعد الاجتماعي باعتبارها “حكومة اجتماعية” لبلوغ العدالة الاجتماعية والترابية التي تؤمن بها.
وسجل مدير قطب طلبة الدكتوراه بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، أن انسجام الأغلبية الحكومية الحالية، الذي غاب عن الحكومات السابقة، خلق أرضية للعمل المضبوط والتشاركي للوصول إلى الأهداف المسطرة.
وتوقف محدثنا، عند البرامج الاجتماعية التي أطلقتها الحكومة على غرار دعم السكن والدعم الاجتماعي المباشر وتعميم التغطية الصحية، معتبراً أن الحكومة توفقت فيها، مستدركاً أن هناك إشكاليات عادية في التنزيل، لكن المخرجات الأخيرة للحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية ساهمت في بلورة أرضية لمعالجة هذه الإشكاليات.
وسجل الباحث ذاته، أنه خلال نصف ولاية الحكومة أثبت المغرب إشعاعاً ثقافياً هاماً جداً، تمثل في الثقافة الرياضية أو اللامادية أو التراثية، التي ساهمت في إشعاع المملكة ونجاحاتها الباهرة، ما مكن من استقطاب كبرى التظاهرات.
وأبرز أن هذا الإشعاع الثقافي لدليل على أن المنتظم العالمي والمؤسسات الدولية أصبح لديها منسوب كبير جداً من الثقة في تعاملها مع بلادنا، الأمر الذي يغيض أعداء المملكة.
محورية قطاع التعليم في ورش الإصلاح
وسجل مدير قطب طلبة الدكتوراه بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، أن كل هذه الإصلاحات تصب في قطاع حيوي تؤمن به هذه الحكومة، وهو قطاع التعليم.
وأشار محسن إدالي، إلى أن ما عرفه قطاع التعليم في نصف الولاية الحكومية الحالية من رجات وتجاذبات ما بين الأساتذة والنقابات وأولياء التلاميذ كانت صحية وتخدم مصلحة القطاع.
واستدرك المتحدث ذاته، أن الجيد لدى هذه الحكومة أن الكل كان يناقش ويجادل من أجل الوصول إلى الاتفاق السليم الذي سيخدم مصلحة قطاع التعليم في كل مستوياته انطلاقاً من التعليم الأولي وصولاً إلى التعليم العالي.
واستطرد بالقول، “إن الحكومة سطرت ورشاً وطنياً في إطار المخطط الوطني لتسريع منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والذي دشنته بمناظرات في كل جامعات المملكة، والتي أعطت مخرجات التي تطبق على أرض الواقع، من بينهما على سبيل المثال الإصلاح البيداغوجي بهندسة بيداغوجية جديدة لكل الأسلاك التعليمية من أجل الوصول إلى النموذج الجديد للجامعة المغربية والجيل الجديد للطالب المغربي الذي لا يتوفر فقط على شهادة راقية بل مرتبطة بتمتعه بإمكانات مهمة جداً على المستوى اللغوي والذكاء الاصطناعي باعتبارها لغة العصر التي بها سينافس وسيحقق لبلادنا مؤشرات النموذج التنموي الجديد الذي يراهن عليه صاحب الجلالة والحكومة”.
الآفاق والتحديات
وقال محسن إدالي، “إن الحكومة في نصف ولايتها حققت مؤشرات هامة جداً وواعدة ومشجعة، ولكنها تؤمن على أن الطريق لازال أمامنا من أجل بلوغ الأهداف المسطرة سواء على المستوى السياسي من خلال التصدي لأعداء وحدتنا الترابية برزانة الدولة المتجذرة في التاريخ، وبالعمل القاعدي الذي أثبته صاحب الجلالة”.
وأكد أن الحكومة واعية بالعمل الذي ينتظرها على المستوى الاقتصادي والاستثماري والسياحي، لاسيما أن هناك منافسة من طرف عدد كبير من الدول، والمغرب مطالب بالاشتغال أكثر على هذا المستوى لاستقطاب العديد من الاستثمارات بغية تحقيق النموذج التنموي الجديد الذي ناد به صاحب الجلالة.